RIZO =--> مدير المنتدى <--=
عدد المساهمات : 273 تاريخ التسجيل : 31/10/2009 العمر : 28 الموقع : el mansoura
| موضوع: الى العدم...... (قصه قصيره) الأربعاء 20 يناير - 6:51 | |
| ااولا يرجى الاستماع الى هذه الموسيقى اثناء قراءه القصهhttps://www.youtube.com/watch?v=oFSRs7iqAv8&feature=SeriesPlayList&p=D12951B688DB52DD(((((((>>> الى العدم<<<)))))))تتحرك الكاميرا من العدم لتشق السحب الهائمه في الغلاف الجوي ثم تبدأ في الهبوط بزاوية رؤية نحو الأرض لتقترب تدريجياً من هذا الطريق الطويل الذي تنهبه حافلة صغيرة مع شروق الشمس في أقصي الأفق الأحمرالباهت و في مؤثر سريع تخترق الكاميرا نافذة الحافلة لتركز علي وجه ذلك الشاب الخمري الملامح أسود الشعر و هو يستمع في شرود إلي موسيقي تنبعث من سماعتي الصوت المثبتتين في أذنيه ، ينظر إلي السحب محاولاً رؤية الشمس الغائبة خلف كتل الغيوم ، وهنا تسلم الكاميرا مهمتها إلي القلم الذي يبدأ في سرد خيالات الشاب الداخلية و أزمته العائلية مع والده الذي ألح عليه مراراً أن يترك عمله و يبحث عن عمل آخر لأن ما يفعله محرم دينياً و يتذكر جيداً كيف أهان أباه أمام أعمامه بعد مشادة كلامية بينهما بعد اتهام أبيه الدائم له ببعده عن دينه و انغماسه في شهواته المنحرفة حتي استفزه و جعله يهينه أمام أقاربه ، لقد أخطأ أباه باكثاره من الالحاح الممل و كان يستحق أن ينعته بالفشل و ضعف الشخصية . تتسلم الكاميرا مهمتها لتبتعد عن وجه الفتى و عن النافذة كلها بمؤثر مصحوب بصوت يشبه صوت ارتطام الهواء بحافة ورقة رقيقة السُمك و رغم أن الحافلة تسير بأقصى سرعة إلا أن الكاميرا تتجاوزها و تنطلق بسرعة خارقه لتسبقها و تنهب الطريق نهباً لتمر السيارات و المباني كالبرق ثم تتوقف بشكل مفاجيء مصحوب بمؤثر صوتي عند مجموعة من السيارات الرياضية الأنيقة و جمع من الشباب اللاهي لتتركز عند وجه الشاب ذو الشعر الأحمر و هو يقول لرفيقه الزنجي : - اليوم سأسحق ذلك المغرور الذي يظن نفسه شوماخر - لا تأبه باستفزازته ، فقط ركز علي هزيمته - بالتأكيد و أؤكد لك أني سامتلك تلك الفتاة الحمقاء التي تلهث وراءه - لقد جاءوا ، هيا لنستعد ثم ينطلق كل شاب منهم بسيارته الرياضية المعدة خصيصاً لهذه السباقات و المضاربات و ترتفع الكاميرا بمحاذاة مسار السيارات ثم ترتفع إلي السماء و تنحرف زاوية الرؤية إلي السحب و الشمس التي بزرت من خلالها لتلقي الأشعه البرتقالية علي مساحات شاسعة من الأراضي و تعود الكاميرا فتتحرك بنعومة من زاوية الشمس إلي نافذة الحافلة التي لا تزال تنهب الطريق ثم تقترب من النافذة ببطء لتملا الشاشة بوجه الشاب الخمري الذي أغلق موسيقاه و أسند رأسه إلي زجاج النافذة مغلقاً عينيه و يبدأ القلم دوره مرة أخرى ليخط قصته مع تلك الفتاة و طفله الذي في أحشاءها فيتكلم القلم بلسان الفتى " هل كنت أحبها أصلاً ! .. بالطبع لا .. إنها منحرفة و قد جذبتني معها في طريقها ، إنها المسئولة عن ذلك و لابد أن تدفع الثمن ، المضحك أنها تلح كل يوم في طلب الزواج و نعتي بأبشع الصفات ، ألا تستحي من نفسها ! سوف انس أمرها نهائياً و لتذهب إلي الجحيم " تلتف الكاميرا علي الجانب الآخر من وجهه و يواصل القلم سرده " أما عن ذلك الوغد الذي خانني بعد كل هذه الصداقة و قرر مقاطعتي فلا يعنيني ولن أكلمه ". يسود الشاشة ظلام تدريجي سريع ثم يبدأ في التراجع بشكل معاكس ليظهر فريق الشباب و هم ينطلقون بسياراتهم و أحدهم يصيح للآخر من نافذة سيارته فيرد عليه الآخر بحركة بذيئة بيده اليمني فيندلع الضحك الهستيري و تقترب الكاميرا من وجه السائق و هو يسأله من بجواره : - ماذا يقول ذلك المعتوه ! - إنه يقول أن الطريق غير مغلق كما نتصور و قد يتم فتحه اليوم بشكل عادي - هراء ، لقد أكد لي الكثير أن شرطة المرور ستغلق الطريق اليوم بحجة الاصلاحات و هي فرصتنا لقضاء يوم كامل من اللهو بعيداً عن سيارات الأجرة و الحافلات المزعجة . ثم يبتسم متشوقاً و تقترب الكاميرا من عينه اليمنى لتملأ الشاشة بحدقته البنية و تغوص فيها ثم تتراجع مرة أخرى لتخرج ببطء من العين لتبدو عين الشاب الخمري الذي لا يزال سارحاً بأفكاره ليصدرَ أوامرَه إلى القلم فيكتب علي لسانه : " إنهم حمقى ، بتعنتون في أمور لا تصنع فارقاً ، ما بال كل منهم يشغل أمره بي و بشخصيتي ، يا له من توتر الذي أحسه " رجفة خفيفة في جفنه الأيسر تلحظها الكاميرا و لا يبال بها القلم مواصلاً : " حسناً ماذا أفعل لها ؟! لست جاهزاً لأي مشاريع زواج ولا أرغب في هذه الأمور حاليأ " و لكن خياله يجبره علي تذكر أيام مرضه البائسة و حبيبته إلي جواره طوال الوقت ، تبتاع الأدويه و تزوره يومياً و تتكفل بمصاريف الأطباء ، و تطعمه و تعدل من وضع جسده علي الفراش إذا ما أراد الحركة ، قد فعلت ذلك بلا مقابل و هو لم يفعل سوى إلصاقها العار و تركها لتغرق وحدها .. تمرلمحة ذكريات سريعة عن جهودها للإصلاح بينه و بينه أبيه الذي لا يدرك وجودها من الأصل ، و محاولاتها المستميتة لجعله لا يخسر أصدقاءه القدامى ..فيما يبدو أنه يحبها ..حسناً ..حسناً سيعتذر لها ، ولكن ماذا يفيد اعتذاره ! طالما أخبرته هي أن الاعتذار لا يتجسد سوى بالفعل وليس مجرد كلمة ، فالكلمة الواحدة التي سيليقها ليس من السهل أن تمحو جراحاً عديدة شطرت بسببه .
" يا هووووووووووووووووو .... هذا هو العبث يا صاح "
تنتقل الكاميرا بشكل مفاجيء و فج إلي مشهد سائق السيارة الرياضية مع رفيقه في نوبة جنون أثناء الانطلاق بسرعة خيالية متجاهلين تحذيرات زميلهم الذي عاد أدراجه مقرراً الذهاب في يوم آخر يكون أقل خطورة و تستمر السيارة في نهب الطريق بسرعة جنونية لتنتقل الكاميرا إلي تصوير مقدمة الحافلة التي تحوي الشاب الخمري و تصعد تدريجياً لتعبر وجه السائق ذو الشارب الكث و هو يدخن سيجارة رخيصة تتدلي من أطراف شفتيه في اهمال ثم تتجاوزه لتمر علي وجه راكب عجوز ثم شاب أشقر و تستقر في النهاية علي عيني الشاب الخمري اللتان اتسعتا قليلاً في نوبة من أحلام اليقظة التخيلية و شفتيه تكاد تتحرك محدثاً نفسه فيكتب القلم الأدبي : " لا مجال للاعتذار الآن لقد فات الأوان كما هو دائماً ، نعم أنا مخطيء في بعض الأشياء و لكن ... " لايزال يفكر في مدى حماقته من إصراره علي كونه صائب الفعل في كل وقت بعد أن تعلم ذلك من بعض الأصدقاء الذين لم يعودوا موجودين في حياته أصلاً ، يحاول التفكير فيما يحل به من كافة جوانب حياته ، يتراجع عن تعنته ثم يدنو ثانية منه ، و لا يزال يدرك بقواعد المنطق البحت ماهية صواب أفعالة من خطأها ، يعاود النظر إلي أشعة الشمس التي تنعكس علي وجهه و كأنما قررت افساد بصيرته التي يدرك تماماً أنها ليست كما يجب ، ترمش عيناه تارة من أشعة الشمس و تارة لأسباب أخرى ، يتطلع إلي وجوه المحيطين فيلمح أشباح ابتسامات ساخرة تحيطه من كافة الجوانب ، تمتد يده إلي جيبه لالتقاط هاتفه المحمول الأحمر اللون ثم تفلته ثانية في يأس و ترتخي بجوار جسده ، لا يزال يتأرجح ما بين أفكاره و تخبطات الحافلة علي بعض التوائات الطريق ، يواصل القلم تحركاته المتعثرة على الأوراق في محاولة للحاق بالأفكار المتوالية التي لا تهدأ ، يحاول أن يبكي ليثبت لنفسه وجود أشلاء قلب دامي لا يزال يحس و يشعر ، تتحجر عيناه متطلعاً إلي لاشيء ، تهتز الصورة أمامه و تتراقص و يحاول الخروج من دوامة الخيال قبل أن تقتله ، يلوح له شبح كارثي مع حركات عشوائية للحافلة التي شعر بطيرانها في الهواء و لم يدرك أن جسده قد فارق مقعده و إن ظل القلم يكتب و يصف ، فترتفع الكاميرا بشكل مفاجيء لتبرز مشهداً كاملاً لانقلاب الحافلة عدة مرات و اندلاع النيران بفرقعة مدوية في خزان الوقود المشتعل و تتناثر الأجساد علي الطريق و بين عدد من السيارات الرياضية المهشمة و أبواق الاسعاف تدوى من بعيد ... ثم تقترب الكاميرا من رأس أحد الأجساد لتتوسط عيناه الشاشة ، متحجرة دامية ، متطلعة إلي لاشيء ...... | |
|